Subscribe:

شارك علي مواقع التواصل الاجتماعي

الاثنين، 8 ديسمبر 2014

الرب صانع المعجزات القس ميلاد ديب يعقوب

الرب صانع المعجزات

الرب صانع المعجزات القس ميلاد ديب يعقوب


الرب صانع المعجزات
القس ميلاد ديب يعقوب


ان الرب يسوع شفى امراضا جسمانية كثيرة....فشفى الاعمى والاصم والاخرس والاعرج والمفلوج، واقام الميت وعالج امراضا متنوعة اخرى..... ومع ان الرب يقدر ان يشفى اي انسان من اي مرض، والرب لا يعجز عن شفاء اي مرض اذا اراد...لكن بالتأكيد لم يقصد الرب في الدرجة الاولى شفاء الجسد من امراض متنوعة، فهو ليس مجرد طبيب للجسد فقط..
ان الرب يسوع شفى الامراض الجسدية المدونة في الانجيل، لتكون رمزا للامراض الروحية التي لا تُرى....فكل مرض جسماني هو رمز لمرض روحي يعاني منه البشر، وهم لا يعلمون، لان كل همّهم الجسد والامور المادية...
فيسوع ليس مجرد طبيب للامراض الجسدية، بل هو طبيب للامراض الروحية والنفسية والقلبية التي هي الاهم، وهي المسببات للامراض الجسمانية.... فالامراض الجسدية، ما هي الا اعراض لامراض روحية ونفسية، وليست هي الامراض الحقيقية..
والسؤال هو، هل الكتاب المقدس يختم على هذا التحليل او التفسير... وهل كلمة الله وبشكل موضوعي، تؤكد ان يسوع حين شفى الجانب الجسدي، قصد بالحري الجانب الروحي؟؟....
وانا استغرب كيف ذهب الكثيرون اليوم من الوعاظ، الذين كل همهم شفاء المرضى من الناحية الجسدية.....لا شك انه انجيل آخر، يختلف عن الانجيل الحقيقي والصحيح...
دعني اثبت ان المسيح لم يقصد الشفاء الجسماني، بل الاولوية لديه هي دائما الشفاء الروحي.... فالمسيح اقام موتى من الاموات، ثم بعد سنوات عادوا فماتوا من جديد.. وممكن ان يقيم يسوع احدهم من الاموات، ويبقى غير مؤمن، فيهلك رغم المعجزة.... ويسوع الذي اقام الاموات قال في كثير من المناسبات، انه يقصد انه يقدر ان يقيم الانسان من الموت الروحي. فقد قال مثلا في انجيل يوحنا 5، "يسمع الاموات صوت ابن الله والسامعون يحيون".. واضح في هذه الاية انه يقصد الموت الروحي اي الابتعاد والانفصال الروحيين عن الله، مما يلفت انتباهنا الى اهمية الجانب الروحي.. وتكون كارثة لو ان المسيح قصد فقط الشفاء الجسماني... فكثيرون في هذه الايام شفاهم الرب من امراض جسدية مستعصية، ومع ذلك لم يتوبوا ولم يؤمنوا، بل سيهلكون.. فما نفع الشفاء الجسدي، اذا حصل من دون الحصول على الشفاء الرروحي والحياة الابدية، انه لا يساوي شيئا.. والبعض يظن ان معجزة الشفاء الجسدي تأتي بالنفوس الى المسيح، مع ان ذلك غير صحيح.. فكثيرون من الذين شفاهم يسوع، حين كان هنا في الجسد، وكثيرون رأوا معجزات لا عد لها، ومع ذلك صرخوا اصلبه او انهم تجاهلوا الابدية ولم يتبعوا يسوع...وبولس الرسول ايضا قال في رسالة افسس "اذ كنتم اموات بالذنوب والخطايا احياكم المسيح".. ويقصد الموت الروحي...
وحين شفى يسوع الاعمى في انجيل يوحنا 9، ختم الاصحاح بالحديث بشكل واضح عن العمى الروحي او العمى القلبي عن رؤية الحقيقة.. فيسوع شفى العمى الجسماني، ليعطينا صورة رمزية عن العمى الروحي، الذي لا يرونه الناس، ولا يبالون بشفاء عماهم الروحي، لانهم لا يرون حاجتهم الى الله ولا يرون اهمية الابدية ولا يرون صحة الانجيل.. وهنالك آيات كثيرة في الكتاب المقدس تتحدث عن الموت والعمى الروحيين، والله القدير يهمه شفاء الروح والنفس والقلب، وليس مجرد شفاء الجسد... ومن المؤسف ان تكون اليوم كنائس كثيرة كل عظاتها لا تتجاوز الشفاء الجسماني.. لا شك انه تشويه للانجيل وتقليل من قيمة عمل الله في شفاء الروح...
وحتى حين اطعم الالاف من الناس الجائعة، في اكثر من حادثة، لم يقصد انه اتى لكي يوزع الخبز والماء للناس. واليوم الملايين يعانون من الجوع والعطش، وربما يحصلون على الحياة الابدية، واما الاغنياء والمتنعمون، فربما يهلكون (لوقا 16)..لكن يسوع قال بوضوح،انه هو خبز الحياة وهو ماء الحياة وهو نور العالم وهو الطريق... لا شك انه قصد بذلك المعنى الروحي، فالجوع الجسدي رمز لجوع الروح الى الله كما قال داود (مز 42) "عطشت اليك نفسي يا الله". وان الماء رمز للرب الذي يروي النفوس العطشى قلبيا الى المحبة الالهية، والنور ليس الكهرباء، بل الرؤية الصحيحة والبصيرة الروحية لادراك الامور الالهية الابدية....
وحين تحدث عن الغني (لوقا 16)، قصد بذلك الانسان المستغني عن الله، والذي لا يشعر بحاجته الروحية العميقة لرب الحياة، والمستغني عن الغفران الابدي، والمكتفي بالامور المادية. ونحن نعلم ان هنالك مؤمنين اغنياء، وهنالك فقراء لا يقبلون الانجيل.. مع ان الغني ماديا اي صاحب الثروات الطبيعية، لا يقدر ان يكون مؤمنا وفي نفس الوقت يعبد المال ويعيش لنفسه متجاهلا المحتاجين...وكثيرون من المؤمنين الحقييقيين وهم اغنياء طبعوا ملايين النسخ من الانجيل ووزّعوها مجانا في مختلف دول العالم.....
والمفلوج ايضا الذي شفاه يسوع، لم يكن القصد ان يشفي يسوع كل المقعدين جسديا، بل قصد بذلك ان الانسان ليس فقط ميتا روحيا يحتاج الى احياء، واعمى روحيا يحتاج الى فتح بصيرته، بل هو ايضا مفلوج، اي عاجز عن ان يفعل شيئا بخصوص خلاصه، فيحتاج الى مخلّص ومنقذ، ليقيمه من عجزه. والانسان ايضا عاجز عن ان يحيا بالايمان وبحسب الانجيل، مثلا الانسان بطبيعته لا يقدر ان يغفر للاخرين ولا يقدر ان يحب اعداءه، فهو عاجز، يحتاج الى عون وقوة من الاعالي...
والغريب في شفاء المفلوج (مرقس 2) او المشلول، ان الرب يقول له "مغفورة لك خطاياك"...لأول وهلة نستغرب ونقول ما دخل الشلل الجسماني بمغفرة الخطايا؟... وربما نتوقع ان يشفيه يسوع، من دون مغفرة خطاياه... لكن يسوع اراد ان يقول مؤكدا عدة نقاط هامة جدا، اولا ان هنالك علاقة وثيقة وصلة قوية بين داخل الانسان وخارجه، فالمشكلة الداخلية والقلبية الروحية تنعكس على الجسم من الناحية الخارجية... فلم يرد يسوع ان يشفي الانسان خارجيا، اي انه لم يرد ان يعالج اعراض المرض الروحي، بل بحكمته رأى ان الانسان كان مفلوجا او مشلولا وعاجزا جسمانيا بسبب شعوره العميق بالذنب بسبب خطاياه. فيسوع الطبيب الاعظم اراد علاج الجذر والمسبب للمرض الظاهر... وهنا نتعلّم ان امراضنا الجسدية هي دائما انعكاسا واعراضا لامراض روحية داخلية.. ويسوع لا يعالج المظهر بل الجوهر....بالاضافة الى ذلك، اراد يسوع ان يؤكد ان المهم غفران الخطايا، وليس مجرد شفاء الجسم...لان المفلوج كان متعبا من تأنيب ضمير المشتكي عليه بشكل دائم، اكثر جدا من عجزه الجسماني، ويسوع علم ذلك... فكم يكون فشلا، لو ان يسوع شفاه جسمانيا، وابقاه يتعذب بسبب آثامه وذنوبه!؟.....
فالرب اظهر في الانجيل انه يقدر ان يشفي الانسان من كل امراضه الجسدية، لكنه قصد من ذلك ليس الشفاء الجسماني، بل الشفاء الروحي للانسان.. مع ان الرب قادر على الشفاء الجسماني اذا اراد، لكن الانجيل هو ليس مستشفى للامراض الجسمانية، والكنيسة ليست مدعوة الى فتح مركز للشفاء من امراض الجسد، بل بالتأكيد قصد الرب الشفاء الروحي وكل يتعلق بالحياة الابدية..
والعجيب ان الرب قصد ان يقول للبشر انهم في نظره، مرضى روحيا، وكل الامراض التي شفاها يسوع، موجودة في كل انسان من الناحية الروحية. والانسان لا يرى ذلك، لانه اعمى، لذلك اعطى الرب لمعجزة فتح اعين الاعمى، اهمية عظمى.. فمثلا ايليا النبي اقام ميتا، وموسى صنع بعض المعجزات، والرسل صنعوا معجزات متنوعة، لكن لم يشف احد منهم اعمى، لان العمى الروحي هو اكبر مشكلة روحية يعاني منها الانسان، لا يصنعها الا الله (مز 104)... واراد الرب ان يقول ان كل انسان ميت روحيا، واعمى قلبيا ومفلوج واصم وجائع وضال وتائه من الناحية الروحية، والرب يسوع هو الوحيد القادر ان يشفي الانسان من كل الامراض الروحية من موت وعمى وصمم وعلل اخرى... لذلك فالكنيسة الصحيحة هي التي لا تركّز عن شفاء الجسد، وعلى ان الرب يحل كل المشاكل، لكي يحيا الانسان برفاهية ، بل الكنيسة الصحيحة هي التي تدعو الناس الى الرب ليشفيهم روحيا وقلبيا ونفسيا وليهبهم حياة ابدية..... ان الكنيسة الحقيقية تركّز على الجانب الروحي والابدي والقلبي، وليس على الجانب الجسماني والعالمي والدنيوي المؤقت..

بقلم القس ميلاد ديب يعقوب

0 التعليقات:

إرسال تعليق